خاطرة
- الحكم بالإعدام حتى الموت
بقلم :
تحسين يحيى أبو عاصي – كاتب فلسطيني مستقل – ( 4-2-2010 )
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
يعتبر
الإنسان مخلوقا ضعيفا ولو بنى ناطحات السحاب وأنشأ القنوات والسدود ، وصعد الفضاء
وفجَّر الذرة والتكنولوجيا وثورات العلوم ، وجفف البحيرات وأجرى الأنهار، وتفنن في
ألوان التكنكة والمكنكة وألوان التصنيع ، وولج في كل مولج .... فهو في النهاية
مخلوق ضعيف محكوم عليه بالإعدام حتى الموت ، صحيح إن هذا أمر معروف للجميع ، فإما أن يموت الإنسان شنقا أو خنقا أو صعقا ،
وإما حرقا أو غرقا ، وإما قتلا أو حتفا ، وإما سُما أو ذبحا .... فقد تنوعت
الأسباب والموت واحد .
فمن
الناس من يموت في ساحات الوغى ومنهم من يموت على الفراش بعد مكابدة الأمراض ،
ومنهم من يموت بطشا وتنكيلا ، ومنهم من يموت طعنا بسكين أو قصفا بصاروخ أو رميا برصاصة ، أو أن يُهدم بيته فوق
رأسه ورأس أسرته ، أو يأكله حيوان بري أو بحري ، أو تسمه أفعى أو يلدغه عقرب ، أو
يموت مترديا من علو أو وقوعا في بئر أو حفرة ، أو بجلطة حادة ( تخثر في الدم ) ، أو
يموت في حادث سير، أو بسبب إصابته في منجم أو ورشة عمل ، أو يسقط من الطائرة ، أو
يغرق بسفينة في البحر، أو بحوادث القطارات ، أو يموت تحت التعذيب في السجون ، أو
تنهار فوق رأسه كتلة من صخر الجبل ، أو تائها في الصحراء ،
وكل
إنسان يواجه تحديات زمانه من فقر وجوع ومرض ، وظلم وذل وضعف ينهش كبده ، وهِرم
وتعب وهَم وألم ومشاكل كثيرة ، وتحديات
بيئية من زلازل وبراكين وفيضانات وانهيارات وسيول ، وتلوث وتصحُّر وتغير مناخي ،
وأوبئة وحروب مدمرة أفقدت الإنسان مزيدا من قيمته وكرامته .
لم
تتم مشاورتنا عندما خُلقنا ، ولم نختر لنا منذ طفولتنا قومية ولا دينا ، ولا لونا
ولا عرقا ولا لغة ، ولا طولا ولا عرضا ، ولا زمانا ولا مكانا ، ولا نمطا من أنماط
السلوك أو الذكاء ، وكل إنسان ينتظر تنفيذ حكم الإعدام المجهول له اليوم ، والجلي
له غدا ، فهذه هي الحياة شئنا أم أبينا ، وكل ابن آدم وإن طالت سلامته يوما على
آلة حدباء محمول ، حياة لا قيمة ولا وزن لها مهما تدفقت النعم والملذات والشهوات
على الإنسان ، فكيف يحلو ويروق للإنسان من بعد ذلك كله أن يلحق الأذى في
الناس ؟ .
ليت
أمي لم تلدني لأرى وأسمع عجائب زماني.... لست متشائما ولكنها خاطرة من الخواطر، فسبحان
من جعل مشيئته نافذة في خلقه وله الحكم .
فهل من أحد يدرك عمق عبارتي ؟
مدونتي : واحة الكتاب والمبدعين المغمورين